الحوار بأسلوب المنع في القرآن الكريم

الملخص

(المنع) أسلوب حواري يتوصل من خلاله ِإلى معرفة تعليلات المحاورين والتحقق منها صحة أو فساداً، وتارة يأتي مجرداً عن السند، وهو ما لم أقف على مثال له في الآيات الكريمة، وإنما الجاري هو المنع المقترن بالسند القطعي أو الحَلّي، وقد عبر عنه عدد من المفسرين بثلاث صيغ هي: الممانعة كما فعل الشنقيطي، والتمانع كصنيع الواحدي والبغوي والزمخشري، والمنع كما هو عند بن الحنبلي وعلماء أصول الفقه أمثال الجويني والرازي وغيرهما، وربما تداخل عند استخدامه مع أسلوب (المعارضة)، وأظهر كلام الزركشي كثرة ورود أسلوب المنع في القرآن الكريم، كما أظهر استقراء الآيات تناوله لأربع موضوعات كبرى هي: قضية وحدانية الله تعالى، وقضية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقضية إثبات اليوم الآخر، والقضايا الأخلاقية، وهي التي اقتصر البحث على دراسته وجعلت البحث محدداً بها من حيث الموضوعات، وقد اجتهدت في البحث عن الأسلوب في آيات (القَدَر) فلم يظهر لي ذلك، يضاف إلى ذلك أنه تبين من خلال تحليل الآيات محل الدراسة قوة أسلوب المنع وتأثيره وتحقيقه لمقصد الحوار بأوجز العبارات وأوضحها، مع التصوير الدقيق لحال دعوى المحاور الآخر، وذلك بالكشف عن منشأ الغلط فيها، أو فساد التعليل، أو فقدان الحجة والبرهان. وخلص البحث إلى نتائج عديدة أبرزها: سلامة أسلوب المنع من الاستطرادات المشتتة، والمقدمات المنطقية المتعدد، بل يعتمد الوضوح والإلزام المباشر. وكذا شمولية جريان المنع في القرآن لقضايا الرسالات السماوية الكبرى: الألوهية، والنبوة، والبعث، والأخلاق، ويضاف إلى ذلك أن الآيات التي عالجت شؤون المسلمين أمراً وتوجيها وتربية وتخويفاً وتحذيرا لم يجر فيها أسلوب المنع، وهو أمر بدهي، لأن المسلم لا يقبل منه أن يحاور على سبيل الإنكار أو الجحود.